adnane مدير المنتدى
عدد المساهمات : 146 تاريخ التسجيل : 20/12/2011 العمر : 28
| موضوع: رائعة من راوائع الخطب . ..خطبة دينية بليغة .. الإثنين يناير 23, 2012 10:35 pm | |
|
تعتبر هذه الخطبة من الخطب البليغة التي عز نظيرها وقل مثيلها لواصل بن عطاء " إمام المعتزلة في عصره " .
فقد وهب الله "عطاء" من الفطنة والفصاحة وحسن التصرف في القول ، فقد تمكن من الفرار في إبداع وخفة وحذق من ألفاظ معينة إلى مرادفاتها , وهذا يدل على قدرة فنية لا تتأتى إلا إلى الأفذاذ
وتكمن قيمة هذه الخطبة التاريخية في أنها تنبع من كونها أنموذج من خطب الوعظ الخالص في القرن الثاني للهجرة, تجنب فيها واصل فتن المذاهب والدعوات المذهبية, وفيها شبه كبير بخطبتي عمر بن عبد العزيز وسليمان بن عبد الملك رضي الله عنهما, وقد اجتمع في ثلاثتها التحذير من مفاتن الدنيا, وتصوير نهاية الأحياء, والتنوية بفضل القرآن, والحث على إتباع آيه وهديه .
الخطبة بها سر عجيب وأمر غريب أترك لك هذه الخطبة أخي القارئ لتكتشفه بنفسك
نص الخطبة
الحمد لله القديم بلا غاية, والباقي بلا نهاية, الذي علا في دنوه, ودنا في علوه, فلا يحويه زمان, ولا يحيط به مكان, ولايؤوده حفظ ما خلق, ولم يخلقه على مثال سبق, بل أنشأه ابتداعاً, وعد له اصطناعاً, فأحسن كل شيء خلقه وتمم مشيئته, وأوضح حكمته, فدل على ألوهيته, فسبحانه لا معقب لحكمه, ولا دافع لقضائه, تواضع كل شيء لعظمته, وذل كل شيء لسلطانه, ووسع كل شيء فضله, لايعزب عنه مثقال حبة وهو السميع العليم, وأشهد أن لا إله إلا وحده لا مثيل له, إلهاً تقدست أسماؤه وعظمت آلاؤه, علا عن صفات كل مخلوق, وتنزه عن شبه كل مصنوع, فلا تبلغه الأوهام, ولا تحيط به العقول ولا الأفهام, يُعطي فيحلم, ويدعى فيسمع, ويقبل التوبة عن عباده, ويعفو عن السيئات ويعلم ما يفعلون. وأشهد شهادة حق, وقول صدق, بإخلاص نية, وصدق طوية, أن محمد بن عبد الله عبده ونبيه, وخاصته وصفيه, ابتعثه إلى خلقه بالبينات والهدى ودين الحق, فبلغ مألكته, ونصح لأمته, وجاهد في سبيله, لا تأخذه في الله لومة لائم, ولا يصده عنه زعم زاعم, ماضياً على سنته, موفياً على قصده, حتى أتاه اليقين. فصلى الله على محمد وعلى آل محمد أفضل وأزكى, وأتم وأنمى, وأجل وأعلى صلاة صلاها على صفوة أنبيائه, وخالصة ملائكته, وأضعاف ذلك, إنه حميد مجيد.
أوصيكم عباد الله مع نفسي بتقوى الله والعمل بطاعته, والمجانبة لمعصيته, فأحضكم على ما يدنيكم منه, ويزلفكم لديه, فإن تقوى الله أفضل زاد, وأحسن عاقبة في معاد. ولا تلهينكم الحياة الدنيا بزينتها وخدعها, وفوائن لذاتها, وشهوات آمالها, فإنها متاع قليل, ومدة إلى حين, وكل شيء منها يزول, فكم عاينتم من أعاجيبها, وكم نصبت لكم من حبائلها, وأهلكت ممن جنح إليها واعتمد عليها, أذاقتهم حلواً, ومزجت لهم سماً. أين الملوك الذين بنوا المدائن, وشيدوا المصانع, وأوثقوا الأبواب, وكاثفوا الحجاب, وأعدوا الجياد, وملكوا البلاد, واستخدموا التلاد , قبضتهم بمخلبها , وطحنتهم بكلكلها , وعضتهم بأنيابها , وعاضتهم من السعة ضيقا , ومن العز ذلاً , ومن الحيلة فناء , فسكنوا اللحود , وأكلهم الدود , وأصبحوا لاتعاينُ إلا مساكنهم , ولا تجد إلا معالمهم , ولا تحسس منهم أحد ولا تسمع لهم نَبساً .
فتزودوا عافاكم الله فإن أفضل الزاد التقوى, واتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون. جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بمواعظه, ويعمل لحظه وسعادته, وممن يستمع القول فيتبع أحسنه, أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب. إن أحسن قصص قصص المؤمنين, وأبلغ مواعظ المتقين كتاب الله, الزكية آياته, الواضحة بيناته, فإذا تلي عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تهتدون.
أعوذ بالله القوي, من الشيطان الغوي, إن الله هو السميع العليم. بسم الله الفتاح المنان. قل هو الله أحد, الله الصمد, لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفواً أحد.نفعنا الله وإياكم بالكتاب الحكيم, وبالآيات والوحي المبين, وأعاذنا وإياكم من العذاب الأليم. وأدخلنا جنات النعيم. وأقول ما به أعظكم, وأستعتبُ الله لي ولكم
| |
|